نهر الجنون ؛ هل نشرب الكأس ؟
محتويات الموضوع
طاعون الجنون أستشرى؛ فهل يشرب الملك الكأس ؟
يحكي ان طاعون الجنون نزل في نهر يسري في مدينة، فصار الناس كلما شرب منهم احد من النهر يصاب بالجنون ،وكان المجانين يجتمعون ويتحدثون بلغة لا يفهمها العقلاء، واجه الملك الطاعون وحارب الجنون حتى اذا ما اتي صباح يوم استيقظ الملك واذا الملكة قد جنت ،وصارت الملكة تجتمع مع ثلة من المجانين تشتكي من جنون الملك !! نادى الملك بالوزير : يا وزير الملكة جنت أين كان الحرس ،الوزير : قد جن الحرس يا مولاي الملك : اذن اطلب الطبيب فورا الوزير : قد جن الطبيب يا مولاي الملك : ما هذا المصاب ، من بقي في هذه المدينة لم يجن ؟ رد الوزير : للأسف يا مولاي لم يبقى في هذه المدينة لم يجن سوى أنت وأنا ،الملك : يا الله
أأحكم مدينة من المجانين!!
الوزير : عذرا يا مولاي ، فان المجانين يدعون أنهم هم العقلاء ولا يوجد في هذه المدينة مجنون سوى أنت وأنا!
الملك : ما هذا الهراء ! هم من شرب من النهر وبالتالي هم من أصابهم الجنون!
الوزير:الحقيقة يا مولاي أنهم يقولون إنهم شربوا من النهر لكي يتجنبوا الجنون، لذا فإننا مجنونان لأننا لم نشرب. ما نحن يا مولاي إلا حبتا رمل الآن،هم الأغلبية،هم من يملكون الحق والعدل والفضيلة ، هم الآن من يضعون الحد الفاصل بين العقل والجنون.
هنا قال الملك : يا وزير أغدق علي بكأس من نهر الجنون !
الجنون أن تظل عاقلا في دنيا المجانين .
بالتأكيد الخيار صعب:
عندما تنفرد بقناعة تختلف عن كل قناعات الآخرين، عندما يكون سقف طموحك مرتفع جدا عن الواقع المحيط
هل تستسلم للآخرين؟؟ وتخضع للواقع؟؟ وتشرب الكأس؟؟ هل قال لك احدهم : أيعقل أن الكل على خطأ وأنت وحدك على الصواب !
اذا وجه إليك هذا الكلام فاعلم انه عرض عليك لتشرب من الكأس ؟
عندما تدخل مجال العمل بكل طموح وطاقة وانجاز وتجد زميلك الذي يأتي متأخرا وانجازه متواضع يتقدم ويترقى وانت في محلك.
هل يتوقف طموحك؟ وتقلل انجازك؟ وتشرب الكأس؟
لا تقلل من شأن نفسك :
أحيانا يجري الله الحق على لسان شخص غير متوقع؟ مرت طفله صغيره مع أمها على شاحنه محشورة في نفق ورجال الإطفاء والشرطة حولها يحاولون عاجزين إخراجها من النفق.
قالت الطفلة لأمها : أنا اعرف كيف تخرج الشاحنة من النفق!
استنكرت الأم وردت معقولة كل الاطفائيين والشرطة غير قادرين وأنت قادرة ! ولم تعط أي اهتمام ولم تكلف نفسها بسماع فكرة طفلتها.
تقدمت الطفلة لضابط المطافئ : سيدي افرغوا بعض الهواء من عجلات الشاحنة وستمر !وفعلا مرت الشاحنة وحلت المشكلة وعندما استدعى عمدة المدينة البنت لتكريمها كانت الأم بجانبها وقت التكريم والتصوير!
(نظرية قطيع البقر….معهم معهم…عليهم عليهم)
وأحيانا لا يكتشف الناس الحق إلا بعد مرور سنوات طويلة على صاحب الرأي المنفرد!
غاليلو الذي اثبت أن الأرض كروية لم يصدقه احد وسجن حتى مات !وبعد ٣٥٠ سنة من موته اكتشف العالم انه الأرض كروية بالفعل وان غاليليو كان العاقل الوحيد في هذا العالم في ذلك الوقت .
ولكن هل بالضرورة الانفراد بالرأي أو العناد هو التصرف الأسلم باستمرار !
شهد مثلا تحدت أهلها وكل من حولها لتتزوج فهد لتكتشف بعد سنوات إن فهد أسوء زوج من الرجال! كم تمنت شهد أنها شربت من الكأس عندما عرض عليها حتى ارتوت !
كاتب مغمور اكثر على الناس بكتاباته الحادة حتى اعتزله الناس ليكتشف بعد سنوات انه كل كتاباته كانت ضربا من الهراء! كم تمنى هذا الكاتب انه شرب من هذا الكأس حتى ابتلت عروقه !
أذن ما هو الحل في هذه الجدلية هل نشرب من الكأس او لا نشرب ؟
دعونا نحلل الموضوع ونشخص المشكلة بطريقة علمية مجردة:
رأي فردي مقابل رأي جماعي منطقيا الرأي الجماعي يعطينا الرأي الأكثر شعبية وليس بالضرورة الأكثر صحة قد تقول أذن لا تشرب الكأس.
لحظه !
في نفس الوقت نسبة الخطأ في الرأي الجماعي أقل بكثير من نسبة الخطأ في الرأي الفردي إذاً نقول نشرب الكأس !
تمهل قليلا !
من يضمن انه في هذه اللحظة وفي هذه القضية كانت نسبة الصواب في صالحك اعرف أن الأمر محير
شخصيا عرض علي شخصياً الكأس مرات عديدة اشربه احيانا وارفض شربه احيانا كثيرة؛ الامر كله يعتمد على ايماني بالقضية وثقتي في نفسي وثقتي في الاخرين من حولي.
وألان السؤال موجه لك انت يا من تقرأ كلماتي هذه : إذا عرض عليك الكأس أنت، هل تفضل ان تكون مجنونا مع الناس ! او تكون عاقلا وحدك ؟
التعليقات